الجمعة, 26 نيسان/أبريل 2024
Blue Red Green

  • أخبار سريعة
أخبار قانونية: وفاة رئيس القضاء السوداني مولانا حيدر احمد دفع الله - السبت, 24 تشرين2/نوفمبر 2018 18:45
الرئيسية منشورات قضائية منشورات جنائية منشورات جنائية حديثة مذكرة بمقترح تعديل نصاب السرقة الحدية

مذكرة بمقترح تعديل نصاب السرقة الحدية

رئاسة السلطة القضائية

المكتب الفني والبحث العلمي

 

 

الرقم: م . ف /عمومي/2/4

التاريخ: 28/ أغسطس/ 2009م

 

{مذكرة بمقترح تعديل نصاب السرقة الحدية}

 
   

 

{1} تمهيد:

نصاب السرقة الحدية –أو مقدار المال الذي يوجب سرقته، قطع يد السارق، تحكمه المادة (170/5) من القانون الجنائي لسنة 1991م ونصها: " يكون النصاب ديناراً من الذهب يزن (4.25 جراماً) أو قيمته من النقود، وفق ما يقدره من حين لآخر رئيس القضاء بعد التشاور مع الجهات المختصة".

ولقد درج رؤساء القضاء في ظل قانون العقوبات السوداني لسنة 1983م والقانون الجنائي لسنة 1991م ومنذ صدور المنشور الجنائي رقم 86/لسنة 1983م ولواحقه في سنوات 1991م  و1994م و1996م و2004م ، درجوا على تقدير قيمة نصاب السرقة الحدّية بالنظر إلى قيمة الذهب الخالص في بلادنا.

ويعكس صورةً واضحةً عن ذلك  ما هو معمول به اليوم بموجب المنشور الجنائي رقم 2/لسنة 2004م  ومذكرته التفسيرية، حيث عدلت بموجبه قيمة نصاب السرقة الحدّية إلى مبلغ أربعة عشر ألف وخمسة وعشرين ديناراً سودانياً – أي ما يعادل مائة وأربعين جنيهاً وخمسة وعشرين قرشاً بالعملة الحالية.

 

 {2} عدم مناسبة قيمة النصاب المعمول بها، وعدم مناسبة القيمة الموازية لسعر الذهب حالياً

 

بلا مراء فإن قيمة النصاب المعمول به، وهو مبلغ مائة وأربعين جنيهاً لا يتناسب لإنفاذ حدّ القطع، بل إنه لا يتسق أصلاً مع ضوابط نصاب السرقة الحدّية، وذلك ما جعل السلطة القضائية تعتزم على تعديل قيمة نصاب السرقة الحدّية، وفقاً للمنهج المتبع في تقويم النصاب المنصوص عليه بالمادة (170/5) من القانون الجنائي لسنة 1991م، وبإجراء التشاور مع الأجهزة المختصة ذات الخبرة والمعرفة بأسعار الذهب، تبيّن أن الحال بعد التعديل لن يتجاوز ما هو عليه إلاَّ يسيراً، وبأنه سيظل غير متناسبٍ مع الضوابط الشرعية المقررة والتي يلزم مراعاتها عند تقدير نصاب السرقة الحدّية. حيث ورد إلينا كتاب شيخ الصاغة رقم ش ص ع ق المؤرخ في 9/7/2009م بأن:-" سعر جرام الذهب الخالص عيار (24) بنقاء (99.9%) يساوي (78 جنيهاً) وسعر جرام الذهب الخالص عيار (21) بنقاء (87.5%) يساوي (68 جنيهاً) وسعر جرام الذهب الخالص عيار (18) (75%) يساوي (55جنيهاً) علماً بأن أسعار العيارات المذكورة أعلاه تتغير بين كل فترةٍ وأخرى حسب البورصة العالمية" انتهى-.

بناءً عليه: وباستبعاد الذهب عيار (18) أخذاً بالاحتياط –بترك السعر الأدنى-، فإن قيمة نصاب السرقة الحدية بموجب سعر الجرام من الذهب عيار (21) يكون مبلغ (279ج) مائتين وتسعة وسبعين جنيهاً، ولا يسوغ أن يجعل هذا المبلغ نصاباً يوجب قطع يد السارق، وإذا ذهبنا إلى غاية الحيطة وأخذنا بتقدير النصاب على ضوء سعر الجرام من الذهب الخالص عيار (24) فإن قيمة نصاب السرقة الحدّية يكون مبلغ ثلاثمائة وإحدى وثلاثين جنيهاً وخمسين قرشاً، وهو غير متناسبٍ ولا متسق مع ضوابط تقويم نصاب السرقة الحدّية، علماً بأن هذه التقديرات قد جاءت وقت غلاء الذهب، وحيث عبّر شيخ الصاغة عن عدم استقرار سعر الذهب، فقد ينخفض السعر في وقت وجيز، فيورث ذلك شبهة دارئة للحد، أو يدعونا إلى إصدار تعديلات متفاوتة لقيمة نصاب السرقة الحدّية، وفي أوقات متقاربة، وذلك يحدث اضطراباً في العمل القضائي-. وعليه وعلى ضوء ما ذكر، نرى لزوم العدول عن المنهج الذي كان سارياً في تقدير نصاب السرقة الحدية، وتبياناً لمعالم المنهج الذي نحسبه الأسدَّ، نوجز فيما يلي الضوابط التي يجب مراعاتها في تقدير نصاب السرقة الحدية.

 

{3} الضوابط التي يجب مراعاتها في تقدير نصاب السرقة الحدّية:

 
   

 

" الضوابط التي يجب مراعاتها في تقدير النصاب هي :-"

 

(أ) عدم إيجاب القطع عند سرقة الشيء التافه:

وعدم القطع في الشيء التافه سنده حديث السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: " ما كانت اليد تقطع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشيء التافه" { راجع فتح الباري شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر العسقلاني جزء 12 صفحة 117 طبعة دار الحديث/ القاهرة سنة 1998م وراجع الحاوي الكبيرللمارودي جزء 13 صفحة 274 طبعة دار الكتب العلمية/ بيروت سنة 1994م }. وفي حديث هشام ابن عروة عن أبيه : "أن يد السارق لم تقطع في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم  في الشيء التافه" {رواه البيهقي في السنن الكبرى في كتاب السرقة جماع أبواب القطع في السرقة}.  ويصدق معنى {الشيء التافه} في كل مالٍ قليلٍ لا يعبأ به لحقارته، وكل مالٍ لا يتمول عادةً، قال الكاساني : " ... ... (يشترط في المسروق) أن يكون مالاً مطلقاً، لا قصور في ماليته ولا شبهة، وهو أن يكون مما يتمولهالناس، ويعدونه مالاً؛ لأن ذلك يشعر بعزته وخطره عندهم، وما لا يتمولونه فهو تافه حقير ... ... ولأن التفاهة تخل في الحرز، لأن التافه لا يحرز عادةً، أو لا يحرز إحراز الخطر، ... وكذا (فإن التفاهة) تخل في الركن: وهو الأخذ على سبيل الاستخفاء؛ لأن أخذ التافه مما لا يستخفى منه ... ... ويعرف (ما كان تافهاً من المال) بالرجوع إلى عرف الناس وعاداتهم " {راجع بدائع الصنائع للكاساني جزء 9 صفحات 4228/4229}.

 

 

(ب) عدم إيجاب القطع عند سرقة ما يتسارع إليه الفساد:

وضابط عدم القطع فيما يتسارع إليه الفساد مستنده ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم: " لا قطع في ثمرٍ ولا كثرٍ " {رواه أبو داؤد في سننه في كتاب الحدود باب ما لا قطع فيه، والنسائي في سننه في كتاب قطع السارق باب ما لاقطع فيه وابن ماجه في سننه في كتاب الحدود باب لا يقطع في ثمرٍ ولا كثرٍ  وراجع طرق الحديث في نصب الراية للزيلعي جزء 3 صفحة 361"..

قال السمر قندي في (تحفة الفقهاء):- ... ومنها أن يكون المسروق أعياناً قابلة للادخار والإمساك ولا يتسارع إليها الفساد، حتى لو سرق ثماراً مجذوذةً محرزةً في حظيرةٍ عليها باب مغلق، أو كان ثمة حافظ، ولكن يتسارع إليها الفساد نحو العنب والتين والسفرجل والرطب والبقول: لا يقطع ... ... ووجه قولهم هو أن ما يتسارع إليه الفساد لا يحتمل الادخار، ولا يبقى من سنةٍ إلى سنة ... ... وهو وإن كان صالحاً للاستعمال في الحال، إلاَّ أنه لا يحتمل الإمساك إلى زمان حدوث الحوائج في المستقبل، فقلّ خطرها عند الناس، فكانت تافهة-. {راجع تحفة الفقهاء للسمرقندي جزء3 صفحة 241 وبدائع الصنائع للكاساني جزء 9 صفحات 4232/4233 والبحر الرائق لابننجيم جزء 5 صفحة 58 وحاشية الدسوقي جزء 4 صفحة 334 والحاوي الكبير للمارودي جزء 13 صفحات 274/275/276 والمغني لابن قدامة جزء 12 صفحة 424}.

 

(ج) الجمع في تحديد نصاب السرقة الحدّية بين ما هو أحفظ لأموال العباد وبين ما هو أدخل في التجاوز عن يسير المال:

ويتحقق هذا الضابط بتوفر قيدين، أولهما: عدم الإفراط بالمغالاة في تقدير النصاب بدرجة قد تعطل تطبيق أحكام حدّ السرقة، وثانيهما: عدم التفريط في شرف العضو، - أي شرف اليد من مفصل الكف- بتقدير النصاب بما يدخل في معنى (الشيء التافه)، ويختلف ما يدخل في معنى الشيء التافه باختلاف الزمان والمكان وأحوال الناس وأعرافهم.

 

(د) مراعاة الاستقرار النقدي:

فإن كان المال الذي يقوّم به النصاب يتصف باهتزازات القيمة فيصار إلى تحديد النصاب في أزمنة متقاربة، يؤمن فيها ثبات النقد واستقراره، لأن تناقص قيمة النقد - أو المال-جراء أيٍ من المؤثرات الاقتصادية، يعني تناقص قيمة النصاب المقدّر عن قدره الشرعي، وذلك قد يفضي إلى إيجاب حدّ القطع بغير موجب، كما يفضي إلى ابتذال شرف العضو-.

وفي ظل الضوابط الآنفة الذكر مجتمعة يتحقق التقدير  الأمثل لنصاب السرقة الحدّية، ومن ثمّ يتبيّن أن ما عليه العمل وفقاً لأحكام المادة (170/5) من القانون الجنائي لسنة 1991م يستلزم إعادة النظر، حيث جاءت المادة الآنفة الذكر خلواً عن جل تلك الضوابط، وآخذةً بمعيار التقدير بالدينار الذهبي، علماً بأن سعر الذهب ليس مستقراً كما تبيّن من إفادة أهل الخبرة المشار إليه آنفاً.

 

تقدير نصاب السرقة الحدّية مسألة اجتهادية:

 

إن تقدير نصاب السرقة الحدّية يعتبر أمراً اجتهادياً، بدلالة أن الحافظ ابن حجر العسقلاني قد ساق فيه عشرين رأياً فقهياً، وذلك الاختلاف والتفاوت بين الآراء الفقهية في حدّ ذاته دليل على أن المسألة في تقدير النصاب أمر اجتهادي. حيث ذهب جمهور فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة إلى تحديد النصاب بربع دينار من الذهب أو بثلاثة دراهم من الفضة، مستدلين بحديث السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (تقطع اليد في ربع دينار فصاعداً)، وفي راويةٍ للإمام مسلم في صحيحه أنه صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تقطع يد السارق إلاَّ في ربع دينار فصاعداً) {حديث عائشة رضي الله عنها في صحيح البخاري في كتاب الحدود باب قول الله تعالى (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) وحديث مسلم في الصحيح في كتاب الحدود باب حدّ السرقة ونصابها}.

أما فقهاء الحنفية فقد ذهبوا إلى تحديد نصاب السرقة الحدّية بدينار من الذهب، أو بعشرة دراهم من الفضة، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه (قطع يد رجل في مجنٍ قيمته دينار أو عشرة دراهم) { رواه أبو داؤد في سننه في كتاب الحدود باب ما يقطع فيه السارق، ورواه النسائي في سننه في كتاب قطع السارق}. وهذا الرأي هو ما أخذ به القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م في المادة (170/5) منه.

ثمّ تراوح آراء الفقهاء، حتى بلغ عشرين رأياً، بدءاً من قائل بالقطع بسرقة  القليل أو الكثير من المال وهو قول الحسن البصري وداؤد وابن بنت الشافعي والخوارج، لمجئ آية المائدة بالأمر بقطع أيدي السارق والسارقة مطلقاً – بلا تقييد-،  وبلوغاً إلى قائل بالقطع عند بلوغ المال المسروق خمسة دنانير أو خمسين درهماً، وهو رأي سعيد بن جبير، لما روى عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: " لا تقطع الخمس إلاّ في خمس" – أي لا تقطع الكف بأصابعه الخمس إلا إذا بلغ المسروق خمسة دنانير – {أخرجه الدار قطني في سننه في كتاب الحدود والديات، والبيهقي في سننه الكبرى في كتاب السرقة في جماع أبواب القطع في السرقة – ما جاء عن الصحابة رضي الله عنهم ... وابن أبي شيبة في مصنفه في كتاب الحدود باب في السارق من قال يقطع في ... وراجع نسبة القول إلى سعيد بن جبير في تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير جزء 2 صفحة 53}.

وقد روى ذات الأثر عن سليمان بن يسار قال: " لا تقطع  الخمس إلاَّ في خمس" { رواه النسائي في سننه الصغرى –المجتبى- في كتاب قطع السارق، في ذكر اختلاف أبي بكر بن محمد وعبد الله بن أبي بكر}.

وذهب  إبراهيم النخعي إلى تحديد نصاب السرقة الحدية بأربعة دنانير أو بأربعين درهماً. قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري بشرح صحيح البخاري): " نقلهعياض ومن تبعه عن إبراهيم النخعي: أن القطع لا يجب إلا في أربعين درهماً أو أربعة دنانير ". { راجع فتح الباري بشرح صحيح البخاري جزء 12 ص120} ولم نجد لهذا الرأي دليلاً في مصادر الحديث وشروحه، ولا فيما أطلعنا عليه من مصنفات الفقه الإسلامي، بل إن الإمام الشوكاني قد علق عليه قائلاً: " وهذا قول لا دليل عليه فيما أعلم". {راجع نيل الأوطار للشوكاني جزء 7 صفحة 131 }، وخلو هذا القول من دليل الأثر – وما ساقه الشوكاني عنه- ينبئان بأن إبراهيم النخعي قد اجتهد رأيه على ضوء معطيات عصره وأحوال الناس في زمانه، وما كان ليفعل ذلك لو لم يكن الأمر اجتهادياً.

وهنالك آراء أخرى عديدة بشأن تحديد نصاب السرقة الحدية ، ساقها الحافظ ابن حجر العسقلاني –في الموضع الآنف ذكره من كتابه (فتح الباري بشرح صحيح البخاري)، وقد بلغ بها عشرين رأياً فقهياً، وخلاصة القول هو أن هذا الاختلاف والتباين في الآراء بين هؤلاء الفقهاء الأجلاء، إنما هو دليل قاطع على أن المسألة في تحديد النصاب اجتهادية، حيث لم يكن ثمة نص قطعي الإسناد قطعي الدلالة، فساغ لهم اجتهاد الرأي والأخذ بما رآه كل منهم صحيحاً من الآثار العديدة التي سبق ذكرها –وغيرها- ولعل الاختلاف في تقويم الدينار والدرهم –وما كان يلابسه من تفاوت أيضاً كان من أسباب ذلك الاختلاف، فضلاً عن أنه اليوم مما يتعذر درك قيمته الفعلية-كما نبيّنه فيما يلي:-

 

التفاوت في قيمة الدينار الذهبي والدرهم:

الدينار الذهبي المنصوص عليه بالمادة (170/5) من القانون الجنائي لسنة 1991م لم يسلم من الاختلاف وتفاوت القيمة، وقد كان الدينار الذهبي عملةً مسكوكة – لا تبراً-، ثمّ كسرت تلك العملة فلم يعد لها وجود اليوم، وكانت هناك دنانير رومية وأخرى دمشقية وبعضها حميرية، وكلها بأوزان مختلفة، كذا في صدر الإسلام، وفي ولاية عبد الملك بن مروان تم ضرب الدنانير الدمشقية، وقام الحجاج بضرب الدراهم على خمسة عشر قيراطاً من قراريط الدنانير، ويذكر لنا البلاذري في كتابه: (فتوح البلدان) أنه: كانت دنانير هرقل ترد على أهل مكة في الجاهلية، وترد عليهم دراهم الفرس البغلية، فكانوا لا يتبايعون إلاَّ على أنها تبر ... ... فأقر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، وأقره أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ... ثم ضرب مصعب بن الزبير في أيام عبد الله بن الزبير دراهم قليلة كسرت بعد، وأول من ضرب الدنانير المنقوشة عبد الملك بن مروان سنة أربع وسبعين للهجرة، بعد أن كانت ترد الدنانير المضروبة من الذهب من رومية والدراهم الفضية -الكسروية- من بلاد فارس وأن الحجاج بن يوسف ضرب دراهم بغلية سنة خمس وسبعين للهجرة. {راجع كتاب فتوح البلدان للبلاذري جزء صفحات 571-575 }.

وقد كان من الدنانير ما هو خالص وما هو زيوف، وكان الخليفتان عمر وعثمان رضي الله عنهما إذا وجدا الزيوف في بيت المال جعلاها فضةً، وقيل أن ابن مسعود كان يأمر بكسر الزيوف، سدّاً لذريعة الغش (راجع المرجع السابق ج3/576). وفضلاً عن كل ما ذكر فإن ذلك النظام النقدي لم يعد له وجود في عصرنا، وقد كانت الدنانير –على اختلافها- عملةً مسكوكة وليست تبراً، فلا يصدق فيها نظر المادة (170/5) من القانون الجنائي لسنة 1991م، ولا المنهج الذي كان متبعاً في تقويم النصاب  وفقاً لها على ضوء سعر جرام الذهب.

 

الخلاصة:

على ضوء كل ما سبق، نرى الأمثل هو تعديل نص المادة (170/5) من القانون الجنائي لسنة 1991م على ضوء أحد المقترحين التاليين:-

(1) المقترح الأول:

يترك أمر تحديد نصاب السرقة الحدّية لرئيس القضاء، ويصدر به منشوراً جنائياً من حين لآخر مراعياً الضوابط الآنف ذكرها، ومراعياً اعتبارات الزمان والمكان وأحوال الناس وأعرافهم.

وبناءً عليه فإن رؤي الأخذ بهذا المقترح فيكون تعديل الفقرة الخامسة من المادة (170) من القانون الجنائي لسنة 1991م على النحو التالي:-

" تلغى الفقرة 5 من المادة (170) من القانون الجنائي لسنة 1991م ويستعاض عنها بالنص التالي:-

{يقدر رئيس القضاء نصاب السرقة الحدّية بمنشور قضائي يصدره من حين لآخر بعد التشاور مع الجهات المختصة، مراعياً فيه الشرائط والضوابط الواجب توفرها في المال المسروق، وآخذاً بما هو أحوط وأنفى للشبهة} ".

(2) المقترح الثاني:

        وفحواه هو الأخذ بأحوط الآراء الفقهية التي سبق الإشارة إليها، وهو رأي سعيد بن جبير، فإن رؤي الأخذ به فيكون نص التعديل المقترح للفقرة الخامسة من المادة (170) من القانون الجنائي لسنة 1991م على النحو التالي:-

" تلغى الفقرة 5 من المادة (170) من القانون الجنائي لسنة 1991م، ويستعاض عنها بالنص التالي:

{ يكون نصاب السرقة الحدية خمسة دنانير من الذهب يزن كل منها (4.25 جراماً) أو قيمتها من النقود وفقاً لما يقدره من حين لآخر رئيس القضاء، بعد التشاور مع الجهات المختصة}. "

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ،

 

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

تحريراً في يوم الجمعة السابع من رمضان المعظم سنة 1430هـ

الموافق الثامن والعشرين من شهر أغسطس سنة 2009م

 

  إشترك في القائمة البريدية

  إبحث في الموقع