الدكتور/ يحى الشاذلي الشيخ الريح السنهوري ـ (سيرة ذاتية)
تقدمت مجموعة من المساهمين بشركة X بشكوى للهيئة العامة لسوق المال تطلب فيها من من الهيئة عدم إعتماد إجتماع الجمعية العامة العادية للشركة والتي تم إيصاد الباب في وجوههم بحجة حضورهم متأخرين للإجتماع، وعزو ذلك التصرف لمنعهم من الترشح لعضوية مجلس الإدارة. والسؤال المطروح هنا هل يجوز منع المساهم الذي يحضر متأخرا لإجتماعات الجمعية العامة من الدخول والإشتراك في المناقشات والتصويت داخل الإجتماع.
تنص المادة 115 من قانون الشركات التجارية على أنه يحق لكل مساهم أن يحضر إجتماعات الجمعيات العامة وله صوت واحد مقابل كل سهم يملكه وله حق توكيل شخص آخر ينيب عنه بالحضور والتصويت. فحق حضور الجمعية والتصويت فيها من الحقوق الأساسية للمساهم والتى لا يجوز حرمانه منها. غير أنه فى سبيل ممارسة تلك الحقوق يخضع المساهم الذى يرغب فى حضور إجتماعات الجمعيات العامة لإجراءات الهدف منها التحقق من شخصيته وعدد أسهمه والتواكيل المكلف بها –إن وجدت. تقوم إدارة الشركة وقبل بداية الإجتماع بتنظيم تلك الإجراءات تحت رقابة ممثل الهيئة وتختتم تلك الإجراءات بتوقيع رئيس الإجتماع والمستشار القانونى على قائمة الحضور ويلي ذلك مباشرة بدء الإجتماع.
والسؤال المطروح هو هل يحق للمساهم الذى حضر متأخرا للإجتماع ولم يشهد الإجراءات الأولية دخول قاعة الإجتماعات والمناقشة والتصويت على القرارات التي ما تزال في طور المناقشة والتصويت. لم تنظم التشريعات بصورة واضحة تلك المسألة إلا أن بعض الشركات العالمية تعرضت لتلك المسألة فى أنظمتها. وقد إختلفت فى ذلك خلافا بينا. فهنالك بعض الشركات التى تسمح أنظمتها للمساهم الذى يحضر متأخرا بدخول الإجتماع وممارسة حق التصويت منها:
من الجانب الآخر هنالك شركات لا تسمح للمساهم المتأخر من المشاركة فى إجتماع الجمعية العامة التصويت منها:
يتضح من ذلك أن أنظمة الشركات الأساسية يتيح بعضها إمكانية مشاركة المساهمين المتأخرين على الإجتماع فى فى مناقشات الجمعية والتصويت بينما يحرم البعض الآخر تلك المشاركة. ولا تثير تلك المسألة إشكالا طالما كان ذلك منصوصا عليه فى نظام الشركة وطالما إرتضى المساهمين ذلك النظام. فيجب الإلتزام باحكام نظام الشركة فيما يتعلق بآلية ممارسة المساهمين لحقوقهم، فممارسة تلك الحقوق يمكن أن تخضع لشروط محددة ومعروفة مسبقا فلا يوجد مانع فى ذلك طالما كانت خالية من التعسف. وهذا هو الحال إذا نص عقد الشركة على حرمان المساهمين المتأخرين عن المشاركة فى التصويت فى إجتماعات الجمعية فيبرر النص بحسن تنظيم الإجتماع.
غير أن المشكلة تطرح إذا لم يتعرض نظام الشركة لتلك المسألة فهل يحق حرمان المساهم المتأخر من من دخول قاعة الإجتماع والمناقشة والتصويت فيما سوف يأتى من بنود بعد حضوره؟. قد تبرر الشركة حرمان المساهم برغبتها بتنظيم الإجتماع بطريقة منظمة وتجنب أى خلل أو إضطراب يحدث أثناء الإجتماع. فالشركة تبرر حرمان المساهم من حقه فى التصويت بعدم إتباعه لآلية تنظيم ممارسة هذا الحق وهى الحضور فى الوقت المناسب للقيام بالإجراءات اللازمة التى تسبق الإجتماع. وهنا يثور السؤال فى الجانب النظرى هل يمكن أن يؤدى عدم إتباع آلية ممارسة الحق إلى الحرمان من الحق نفسه؟
قانونا لا يمكن أن يحرم الشخص من أى حق إلا وفقا للقانون. وحق التصويت من الحقوق الاساسية للمساهم والتى لا يجوز للشركة حرمانه منها إلا وفق القانون. ولا يوجد نص قانونى يخول للشركة حرمان المساهم المتأخر من التصويت. وبما أنه لا يوجد نص يحرم المساهم من حقه فى التصويت عند تأخره فى حضور الإجتماع لا يجوز وضع أى موانع تحول دون ممارسة المساهم لحقوقه. فوضع الشركة لحواجز تحول دون ممارسة المساهم لحق التصويت بحجة تأخر المساهم من حضور الجمعية تساوى حرمان المساهم من حقه فى التصويت والتى لا يجوز للشركة إقرارها. فيجب على الشركة إذا أرادت وضع آلية لممارسة حق التصويت يؤدي عدم إتباعها لحرمان المساهم من حقه فى التصويت أن تلتزم بالآتى:
أولا: أن يكون ذلك منصوصا عليه فى نظامها وبالتالى يكون معروفا مسبقا بالنسبة للمساهمين. فلا يعقل أن يفاجأ المساهم المتأخر فى غلق الباب فى وجهه.
ثانيا: أن لا يكون هنالك تعسفا فى وضع تلك الشروط ويعنى ذلك أن الشركة تهدف من وراء وضع هذا الشرط لمصلحة محددة ومشروعة. مثال ذلك أن يكون الهدف منه مثلا تسهيل إنعقاد الجمعية وتجنب التأخير فى الإجتماع.
ثالثا: أن لا يشكل عبء على المساهمين. فلا يعقل أن تشترط الشركة حضور المساهمين فى الثالثة مساء بينما يبدأ الإجتماع فى السادسة.
لكل هذه الاسباب نرى أنه لا يجوز للشركة حرمان المساهم المتأخر عن حضور إجتماعات الجمعية من الحضور والمناقشة والتصويت فى البنود اللاحقة لحضوره إذا لم يوجد نص صريح فى نظام الشركة يخول لها ذلك.