السبت, 23 تشرين2/نوفمبر 2024
Blue Red Green

  • أخبار سريعة
أخبار قانونية: وفاة رئيس القضاء السوداني مولانا حيدر احمد دفع الله - السبت, 24 تشرين2/نوفمبر 2018 18:45
الرئيسية بحوث قانونية بحث مسؤولية أمين النقل

بحث مسؤولية أمين النقل - مسئولية أمين النقل ـ الجزء السادس

 ( أ ) الحالة الأولى: حالة الخطأ الجسيم والغش والتدليس: اختلف الرأي في فرنسا حول التسوية بين الخطأ الجسيم من جانب والغش والتدليس من جانب آخر فيذهب رأي إلى ضرورة أعمال التسوية بينهما في الحكم وأن شرط عدم المسؤولية مع قيام إحداها شرط باطل وأنه يتعين في هذه الحالة الرجوع للقواعد العامة للمسؤولية التعاقدية كما يرتكز أيضًا على أن قيام الغش والتدليس والخطأ الجسيم يجعلنا إزاء المسؤولية التقصيرية حيث يكون هذا الشرط باطلًل لأنه في الواقع إعفاء منها حيث تحرمه نصوص القانون وأحكامه أما الرأي الآخر فيفرق بين الخطأ الجسيم من جانب والغش والتدليس من جانب آخر ويكون أمين النقل في الأولى مسؤولاً مسؤولية تعاقدية يجوز معها الاتفاق على تعديل أحكامها أما في الأخيرة (الغش والخطأ الجسيم) فيكون أساس مسؤوليته هو المسؤولية التقصيرية التي لا يجوز الاتفاق على الإعفاء منها. [(23)] 

هذا وتنص المادة (217) من القانون المدني الجديد: 

(1 - يجوز الاتفاق على أن يتحمل المدين تبعة الحادث المفاجئ والقوة القاهرة.

2 - وكذلك يجوز الاتفاق على إعفاء المدين من أية مسؤولية تترتب على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي إلا ما ينشأ عن غشه أو خطئه الجسيم ومع ذلك يجوز للمدين أن يشترط عدم مسؤوليته عن الغش أو الخطأ الجسيم الذي يقع من أشخاص يستخدمهم في تنفيذ التزامه. 

3 - ويقع باطلاً كل شرط يقضي بالإعفاء من المسؤولية المترتبة على العمل غير المشروع).

وهذه المادة تسوي بين الغش والخطأ الجسيم وتبطل شرط عدم المسؤولية حال قيام المسؤولية التقصيرية وتُجيز الاتفاق على تحمل المدين عبء القوة القاهرة وتبطل شرط عدم مسؤولية المدين ذاته عن غشه وخطئه الجسيم وإن إجازته عن الغش والخطأ الجسيم الذي يقع من تابعيه في تنفيذ التزامه.[(24)] 

وإذا طبقنا حكم هذه المادة على مسؤولية أمين النقل لوجدنا أن شرط عدم المسؤولية الذي تشترطه مثلاً مصلحة السكة الحديدية في بوالص الشحن ترمي به إلى إعفائها من المسؤولية عن كافة الأخطاء، بما في ذلك الغش، التي يرتكبها تابعوها أو التي قد ترتكبها هي، وعلى ذلك فإنه يتعين تبيان مدلول الشرط وهو يرمي إلى الغاية السالفة الذكر، فإذا كان الغش أو الخطأ الجسيم منسوبًا إلى المصلحة ذاتها كشخص معنوي وكان الضرر المحقق الذي وقع نتيجة طبيعية لهما فإن شرط عدم المسؤولية يعد في هذه الحالة باطلاً وتكون المصلحة مسؤولة تطبيقًا للقواعد العامة أما إذا كان الغش أو الخطأ الجسيم منسوبًا إلى أحد عمالها فإن هذا الشرط يُعد شرطًا صحيحًا وواجب العمل به وتبرأ ذمة المصلحة في هذه الحالة، هذا ويجوز إثبات الغش والخطأ الجسيم بكافة الوسائل بما في ذلك البينة والقرائن إلا أنه يتعين على من يتمسك بهما أن يقدم الدليل المقنع للمحكمة على قيامهما ولا تكفي مجرد قرائن بسيطة أو افتراضات مجردة. 

على أنه إذا كان الرجوع على أمين النقل مع وجود هذا الشرط على النحو الذي بيناه غير منتج لصحته فإن الراسل أو المرسل إليه يستطيع الرجوع على أساس قواعد المسؤولية التقصيرية على أن يثبت الخطأ الجسيم أو الغش قبل شخص معين من تابعي المصلحة وتكون المسؤولية مردها مسؤولية المتبرع عن الأخطاء التي تقع من تابعه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها (م 174) على أنه إذا أخذ بالمذهب الذي يقوم بعدم جواز الرجوع بالمسؤولية التقصيرية عند قيام المسؤولية التعاقدية فعندئذٍ لا يكون هنالك مجال للرجوع. 

(ب) الحالة الثانية

حالة الخطأ اليسير: إذا كان الخطأ الذي ارتكبه أمين النقل خطأ يسيرًا فهل يكون شرط عدم المسؤولية صحيحًا أم باطلاً فتطبق القواعد العامة ؟ أم يكون من شأنه قلب عبء الإثبات ؟ لإمكان الإجابة على هذه الأسئلة فإن علينا أن نستعرض الحالة في فرنسا ثم في مصر.

1 - في فرنسا: في بادئ الأمر وعلى الأخص في الفترة ما بين سنة 1856، وسنة 1874 ذهب القضاء إلى القول ببطلان هذا الشرط لمخالفته للنظام العام والآداب ولكنه تعرض لموجة شديدة من النقد من جانب الفقه لمخالفته لقاعدة أساسية هي أن العقد شريعة المتعاقدين وأن هذا الشرط ليس فيه مخالفة للنظام العام أو الآداب فضلاً عن أن القانون الروماني كان يأخذ به في غير حالة الغش والخطأ الجسيم، ولذلك فلقد اضطر القضاء للعدول عن رأيه وهنا نجد اتجاهان أولهما الأخذ بصحة هذا الشرط وأنه يترتب على الأخذ به انتفاء المسؤولية التعاقدية وإن كان من الجائز الرجوع على أساس المسؤولية التقصيرية في حالة الخطأ الجسيم والغش والتدليس، أما الاتجاه الثاني فيذهب إلى القول بأن من شأن هذا الشرط قلب عبء الإثبات فيفترض أن عدم تنفيذ الالتزام مرده القوة القاهرة وعلى الراسل أو المرسل إليه أن يثبت خطأ معينًا قبل أمين النقل.

ولقد جاء بحكم محكمة النقض الفرنسية في 22 يوليه سنة 1902 بأن شرط عدم المسؤولية عن التأخير أو التلف من شأنه أن يرفع المسؤولية عن عاتق الناقل ما لم يثبت الحكم قبله خطأ معينًا (دالوز 1902 - 1 - 33 )، كما جاء في حكم آخر لنفس المحكمة صادر في 18 فبراير سنة 1902 بأنه إذا ورد بتعريفة شركة السكة الحديد شرط عدم المسؤولية عن التأخير والتلف أثناء الطريق وأن تحميل وتفريغ العربة يقع على عاتق الراسل أو المرسل إليه فإن هذا الشرط صحيح وأن الحكم الذي يقضي بمسؤولية الشركة عن التلف لسبب واحد هو أن الشركة لم تتخذ أثناء الطريق العناية الأولية ووقاية هذه البضائع من الأمطار فإنه حكم خاطئ يتعين نقضه (دالوز 1902 - 1 - 477). [(25)]

وقد رأى المشرع الفرنسي في سنة 1905 أن يضيف فقرة جديدة إلى المادة (103) من القانون التجاري الخاصة بمسؤولية أمين النقل في حالتي التلف والفقد الكلي أو الجزئي وهذه الإضافة الجديدة تقضي بأن كل شرط مخالف لأحكام هذه المادة مدون في بوليصة النقل أو أية ورقة أخرى يعد باطلاً، وقد صدرت هذه الإضافة بناءً على مشروع قانون اقترحه أحد أعضاء البرلمان السير رابيير وصدر التعديل في 17 مارس سنة 1905 والغاية منه تحريم شرط عدم المسؤولية في حالتي التلف والضياع المنصوص عليها في المادة (103)، ولكنه لم يتعرض من قريب أو بعيد للمادة (104) الخاصة بالمسؤولية في حالة التأخير ويرمي هذا القانون إلى استبعاد الأخذ بالأحكام التي كانت تعفي أمين النقل كلية من المسؤولية وكذلك الأحكام التي كانت تأخذ بأن من شأن هذا الشرط قلب عبء الإثبات من على عاتق أمين النقل إلى عاتق الراسل أو المرسل إليه الذي كان يتعين عليهما طبقًا للقواعد السابقة إثبات خطأ معين قبل أمين النقل وهو عبء صعب إن لم يكن مستحيلاً فأراد الشارع بهذا التعديل أن يعفيهما من ذلك. [(26)]

  إشترك في القائمة البريدية

  إبحث في الموقع

  • أخبار قانونية

  • عقود

  • جرائم محلية

  • قواعد فقهية